كتب : احمد غريب
الكثير عندما يقرأ سورة الكهف ويصل بالقراءة عند قصة قتل الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام يظن أن قتل الغلام لسوء مصيره وسوء مصيره مع والديه ، أو مستقبل مليء بالشر لهذا الغلام ولكن قتل الغلام كان قصاصا بحق لأنه قاتل وسبق أن قتل وكان عازما على عقوق والديه بشدة وربما كان ذاهبا لإلحاق الآذى بهم فعجل بالقصاص منه ، الله سبحانه تعالى حرم على ذاته العليا الظلم
ولا يجوز القتل الإ نفسا بنفس أو معصوما زانيا أو مرتد عن الدين ولا يأمر الله بقتل نفس إلا بحق ولن يقيم أحد على الله الحجه يوم القيامه قال تعالى ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ (9) سورة التكوير إذا ذكر الله عز وجل لقتل الْمَوْءُودَةُ وذكر هذه العادة الظالمة من الجاهليه في القرآن الكريم دليلا على أن القتل بدون سبب أمر ظالم يبغضه الله عز وجل .
والدليل على هذا أن هذا الغلام كان في الأصل قاتلا .
قال الله تعالى: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف:٨٠ – ٨١]. نقف عند فخشينا أن يرهقمها طغيانا .
ما هو شكل الطغيان الذي ورد ذكره بالقرآن الكريم ؟
قال تعالى ﴿ اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾[ سورة طه: 43]
نلاحظ هنا أمر الله عز وجل لأنبياءه موسى وهارون عليهما السلام بالذهاب لفرعون لأنه طاغية ما هو شكل طغيان فرعون ؟
قال تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) (سورة البقرة 49)
قال تعالى ﴿ وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۖ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [ سورة الأعراف: 141]
قال تعالى ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [سورة إبراهيم: 6] نلاحظ أن ذبح الأبناء وإستباحة النساء كان جزءا عظيما من طغيان فرعون وآل فرعون إذا القتل وإستباحة النساء جزء من الطغيان لأن طغيان فرعون كان أعظم فقد إدعى الألهويه أيضا .
بعد أن علمت شكل الطغيان الذي ورد بالقرآن الكريم إذا الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام كان قاتلا وكان يستبيح النساء عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا ” . رواه ابن جرير وهنا نعود عند فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا إذا هو بالفعل كافر من نص الحديث فمن البديهي أن يكون طاغيه وسبق أن قتل وقتل الخضر عليه السلام له لأنه كان قاتلا والتعجيل بالقصاص منه رحمة لأبواه ونقف عند كونه غلام ، الغلام في المعجم معلوم أنه من سن الحلم للشباب آي أنه ملزم بالعبادة والطاعه وسن عاقل وله من القوه ولكن أقل من قوة الشباب والغلام تعرف أيضا بالخادم والغلام من الإغتلام وهو الشديد الطلب للنكاح وطبع يوم طبع كافرا بنص الحديث أي أنه عندما بلغ السن الذي يتعلم فيه الصغار العبادة ويتدربون عليها كان رافضا عنيدا لها وهنا طبع الكفر به ومن المرجح أنه كان خادما لكاهن أو رجل كثير التردد على الكهنه فتعلم علم الكهنه لأن طغيان أل فرعون كان من نفس نوع طغيان الكهنه فهم أيضا
يستبيحون النساء ويقتلون الأطفال في طقوسهم الكافرة والعياذ بالله والدليل على هذا (فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا) نقف عند يرهقهما
قال تعالى ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾[ الجن: 6] الرهق هنا أذا كفر عبدا أبواه مؤمنين ما الذي يحمله على الكفر سوى ضلال الرهق في سورة الجن جاءت بمعنى ضلالا وخوفا وإثما
يرهقمها في سورة الكهف جاءت بمعنى يكلفهما متاعب على كفره وطغيانه فيتبعانه محبتنا أو إحتياجا له ومضمونها ضلالا وإثما وخوفا نعود لقصة نبي الله موسى عليه السلام عندما ذهب لفرعون الطاغيه ما هي المعجزات الذي ذهب بها نبي الله موسى لفرعون ؟ العصا واليد البيضاء ليتحدى بها أساليب السحره ولتقام على فرعون الحجه حتى يعلم أن خدع السحره وظلم الكهنه اللآتي سودا قلبه بالطغيان والكفر ما هما إلا ضلالا كبير وليعلم أن الحق جاءه وأنه يوم غرق أمهله الله ليأخذه على عناده ولا يؤخذ وهو على ضلالا ومغيبا من فعل السحره والكهنه وآية الله الكبرى عليه يوم سجد السحره مؤمنين بموسى عليه السلام وبعدها غرق إذا حتى فرعون حين أمر الله بهلاكه ومن معه هلكوا لأنهم علموا الحق وقتلوا السحره بعد أن أمنوا بالله والدليل على أن الغلام كان في طريقه عازما لإيذأء أبواه في قصة السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام قال تعالى ( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ( 79 ) سورة الكهف ) إذا الخضر عليه السلام كان لزاما عليه أن يخرق السفينه قبل أن يطلع عليها الملك نلاحظ في التسلسل الزمني أو رفاهية الوقت بالنسبة لأصحاب السفينه لو خرقها اليوم وجاء الملك بعد شهر في هذه الحالة سوف يصلحها أهلها ويكون خرقها ليس له أهميه أذا وجوب خرقها في توقيتها هذا إنقاذا لسفيتنهم ، وقصة الجدار قال تعالى ﴿ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾[ الكهف: 77] إذا لو توجد رفاهية للوقت بالنسبة للجدار ، سوف ينهار سريعا وكذلك ينطبق الأمر على الغلام الذي عجل بالقصاص منه حتى لا يذهب ليفتن أبواه المؤمنين لأنه بالفعل كان عازما ذاهبا ليفعل هذا ، التسلسل الزمني وسرعة وقوع الأحداث في الثلاث مواقف للخضر عليه السلام مع نبي الله موسى عليه السلام واحد فالجدار كان سينقض سريعا وكذلك الملك كان على مقربة من سفينة المساكين وكذلك الغلام كان عازما على إيذاء والديه ونتيجة لهذا العزم فهو عقوق لوالديه فعجل بالقصاص منه أمانا لأبويه وسرعة العامل الزمني في سفينة المساكين واضحه لا يوجد مجال للصبر على السفينه وكذلك الأمر بالجدار كان سينهار سريعا ولا توجد علاقة بإنهياره وبلوغ الأيتام أصحاب هذا الجدار سن الشدة والقوه فالجدار لن ينتظرهم سينهار وكذلك الغلام قتله اليوم بعيد عن العامل الزمني الخاص بالإخلاف على أبويه بغيره فالغلام عازم على إضلال أبويه إذا مواقف للخضر عليه السلام الثلاثه لا توجد بها رفاهية للوقت أما أن ينفذ أمر الله حالا أو تقع الكارثه وهنا السؤال في ترتيب المواقف لماذا بدء بالسفينه ثم الغلام ثم الجدار الترتيب نفسه لسرعة الحاجه فالسفينه أشر الأمور وأسرعها حدوثا فالملك ورائهم تقريبا مباشرة والغلام كان ذاهبا بالفعل لإضلال أبويه والجدار الذي سينهار آي حركة شديدة بجواره ستجعله ينهار لك أن تتخيل أن ضيق وقت خرق السفينه وقتل الغلام أشد ضيقا من إنهيار هذا الجدار سبحان الله لهذا كان التعجيل بالقصاص من هذا الغلام فقلنا سابقا أن قتل الغلام جاء لأنه سبق وأن قتل وضغى وسرعة التعجيل بالقصاص لعزمه عقوق أبواه وإضلالهم قال تعالى ( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82) الكهف
الحمدالله الذي هدانا وأنعم علينا من فضله اللهم آعينا على طاعتك وشكرك وحسن عبادتك .